اهتم الإنسان منذ القدم باستشراف المستقبل، ودأب على التفكير في الغد، واستباق الزمن برسم صورة للمستقبل تساعده على التخطيط والاستعداد، وتذليل الصعوبات لتحقيق آماله وطموحاته. ومع اتساع المعرفة وتحدد أدواتها، أخذ التفكير الاستشرافي يطور أسلوبه وأطره في نماذج مقننه ، وفق منهج علكي يهدف إلى رسم الرؤى والتصورات المستقبلية ، من خلال معطيات حسية وكمية يمكن قياسها.
وانطلاقا من المنهج العلمي في التخطيط وبناء الرؤى المستقبلية؛ جاء هذا التصور لبناء رؤية استراتيجية للعمل الخيري في المملكة العربية السعودية خلال الخمس السنوات القادمة (من بداية 1435هـ إلى نهاية 1439هـ) ، ليساعد كلا من المنظمات الخيرية والجهات الحكومية المشرفة عليها، وكذلك الجهات المانحة ، في وضع تصور مستقبلي تبني عليه استراتيجيتها المستقبلية.
وتهدف الرؤية إلى استجلاء وفهم الواقع الخيري في الوقت الراهن ن من خلال معرفة واقع الجهات التي تمثل القطاع الخيري ، أو ترتبط به ارتباطا وظيفيا ، والتعرف على القوى الرئيسية التي تؤثر فيه ايجابا أوسلبا ، واستشراف آثارها خلال السنوات الخمس القادمة ، وآليات تعامل القطاع الخيري في ضوء الهداف التي يسعى إلى تحقيقها ، ومعالجة هذه المعطيات بأدوات علمية، لصناعة رؤية مستقبلية تتضمن أهدافها واستراتيجيات ترتقي بفاعلية أداء القطاع الخيري وترفع كفاءته.
وتتمثل أهمية الرؤية الاستراتيجية للعمل الخيري في المملكة العربية السعودية في مساعدة الأطراف ذات العلاقة بالعمل الخيري على تحسين مستوى الاستثمار الموارد والامكانات المتاحة، وابتدار الفرص السانحة، والحد من المخاطر المتوقعة ، وتحقيق الهداف الاستراتيجية للعمل الخيري ، وبث في المجتمع.
تتناول الرؤية تصورا مستقبليا ، يتيح للعاملين والمهتمين بالعمل الخيري في المملكة العربية السعودية وضع آساس الرؤية الامستقبلية لمشاريعهم وبرامجهم خلال السنوات الخمس القادمة ، وهذا الإطارالزمني للدراسة يراعي سرعة التغيرات التي يعيشها المجتمع، والتي تشمل مختلف مجالات الحياة: اجتماعية ، واقتصادية، وسياسية ، وقانونية ، وتقنية .... ولا شك أن مواكبة الرؤية، وما يتبعها من استراتيجيات وسياسات للتغيرات المتسارعة ، أمر يعزز من نجاحها ، والوصول إلى أفضل نتائج ممكنة.